المواضيع المماثلة:
نبذة عن سكان مدينة البليدة قبل الحكم العثماني *مدينة البليدة خلال العهد العثماني (م1830 -1518)( نبذة تاريخية جغرافية )الحياة الاجتماعية بمدينة البليدة خلال العهد العثماني *حكاية وأصالة وقيمة الأبواب السبعة لمدينة البليدة **مدينة البليدة خلال العهد العثماني (م1830 -1518) - الكوارث الطبيعية والتضامن الاجتماعي -
مدينة البليدة خلال العهد العثماني
اﻟﻠﺒﺎس واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ
أﻣــﺎ ﻋــﻦ اﻟﻠﺒــﺎس، ﻓﻘــﺪ ﻛــﺎن اﻟﺮﺟــﺎل ﻣــﻦ أﻫــﺎﱄ اﻟﺒﻠﻴــﺪة ﻳﺮﺗــﺪون ﻧﻔــﺲ اﻟﻠﺒــﺎس اﻟــﺬي ﻳﺮﺗﺪﻳــﻪ ﺣﻀــﺮ اﻟﻌﺎﺻــﻤﺔ, وﺣﻴـﺚ ﻳﺘـﺄﻟﻒ زﻳﻬـﻢ ﻣـﻦ ﻏﻠﻴﻠـﺔ ﻣﺼـﻨﻮﻋﺔ ﻣـﻦ اﻟﻜﺘـﺎن أو اﻟﻨﺴـﻴﺞ، وﺑـﺪﻋﺘﲔ ﻣﺘﺸـﺎﺑﻬﺘﲔ، وﺳـﺮوال واﺳـﻊ ﻗﺼـﲑ، ﰒ ﺣـﺰام ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﺨﺎﻣﺔ ﺛﻴﺎﺑﻬﻢ، وﺣﺬاء واﺳﻊ ﻣﺴـﺘﺪﻳﺮ اﻟـﺮأس ﻳﺸـﺒﻪ اﻟﻨﻌـﻞ، وﺗﺒﻘـﻰ اﻟﺴـﻴﻘﺎن اﺑﺘـﺪءا ﻣـﻦ اﻟﺮﻛﺒـﺔ ﻋﺎرﻳـﺔ ﻋﻨـﺪ اﳊﻀﺮي اﻷﺻﻴﻞ، وﻛـﺬﻟﻚ اﻷﻣـﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ ﻟﻠﻌﻨـﻖ، أﻣـﺎ اﻟﺸـﻌﺮ ﻓﻴﻘﺼـﺺ ﺑﺄﺳـﺮﻩ، ﺑﺎﺳـﺘﺜﻨﺎء ﺧﺼـﻠﺔ في أﻋﻠـﻰ اﻟـﺮأس.
أما النساء فلهن طريقة خاصة في تغطية و جوههن، فهن يحملن فوق رؤوسهن شالا صوفيا سميكا، يسـتر أحـد طرفيـه الجانـب الأيسـر مـن الوجـه، بينمـا يمتـد الطـرف الآخـر علـى شـكل خـط مـنحن مـن الـذقن إلى العـين، بحيـث يغطـي الجانــب الأيمــن مــن الوجــه، وهكــذا لا يبقــى شــيء مــن الوجــه عاريــا إلا العــين الواحــدة, إذ تتحجــب النســاء المحتر مات (الحرائر) في الشوارع، ويبدو أنهن كن يصبغن شعورهن بالحناء، ويكحلن عيونهن، ويضـعن المسـاحيق علـى خدودهن.
وقـد سـادت بـين أوسـاط المجتمـع البليـدة عـادات وتقاليـد كثـيرة، نـذكر منهـا أن المـرأة البليديـة كانـت تحتـل مرتبـة ثانوية في كثير من الأحيان، فهي لا تستطيع الحصـول علـى قوتها إلا بمسـاعدة الرجـل، ومهمتهـا الأساسـية في البيـت إنجـاب الأبنـاء، وحلـب الأبقـار، والاشـتغال بصـناعة الطـرز علـى الحريـر والجلـد, وبـالرغم مـن ذلـك فإنهـا كانـت محترمة وموقرة، ومبجلة باعتبارها الأم والأخت والزوجة والبنـت، فلهـا حقـوق وعليهـا واجبـات، حـددتها لهـا الشـريعة الإسـلامية، وأكـدتها لهـا العـادات والتقاليـد الاجتماعيـة، كحقهـا في اختيـار الـزوج، والحصـول علـى الصـداق، وعلـى نصيبها من الميراث، وخروجها لحضور الحفلات الدينية الـتي كانـت تقـام يـوم الأربعـاء مـن كـل أسـبوع، والذهاب لزيارة الحمـام، حـتى أن التركـي في الجزائـر لا يمكنـه أن يتـزوج مـن فتـاة أهليـة إلا بعـد الموافقـة على دفع المبلغ الذي يطلبه أبوها.
ويصـف لنـا تروملـي الـدور الاجتمـاعي للحمـام فيمـا يلي:"لقـد كـان الحمـام الفرصـة السـانحة للمـرأة للخـروج مـرة واحـدة في الأسـبوع، فقـد كانـت النسـاء معـز ولات في بيـوهتن، ولم يكـن لـديهن الكثـير مـن أوقـات الفـراغ، باسـتثناء الأعـــراس، أو مـــا يســـمونه "الزيـــارات"، وهكـذا أصـبح الحمـام مكـان التقـاء، ومكـان تبـادل المنـافع بجميـع أنواعهـا، ففـي ذلـك العهـد كانـت المرأة الجزائرية تلجأ إلى الحمام عموما، عندما تريد أن تختار زوجة لابنها، لأنه في ذلك الوقت كانـت الأم دائمـا هـي الـتي تقـرر اختيـار كنتهـا المسـتقبلية مـن بـين كـل الفتيـات. تتبـع الأم الخاطبـة الفتـاة الأفضـل صـنعا، متفحصـة إياهـا بانتبـاه، بشـرتها وتقاسـيم وجههـا، و يـديها، ور جليهـا، وشـعرها، بعـدها تتأهـب لطـرح بعـض الأسـئلة علـى الفتـاة، أو على مرافقتهـا (أمهـا أو عمتهـا)، وإذا كانـت الأجوبـة مرضـية فسـتطلب عنوانهـا مـن أجـل زيـارة رسميـة.
وعنـدما تقـع أفـراح الـزواج، أو عنـدما تكـون هنـاك أعيـاد عائليـة، فـإن السـكان يسـتلفون مـن بعضـهم الـبعض حليـا وجـواهر ثمينة، وكل شيء في هذه الظروف يرتكز علـى الثقـة، ولا يشـترط لإثبـات الدائنيـة، ولقـد يوثـق بـإمرأة عجـوز معروفـة، حتى ولو كانت فقيرة.
كمـا كـان للمـرأة الحـق في امـتلاك العقـارات مـن أراضـي وغيرهـا، وحريـة التصـرف فيهـا بـالبيع، أو الإهـداء، أو الوقف. كما كان لها حق الميراث وفق ما تقتضيه نصوص الشريعة الإسلامية، ومـن الـدلائل التاريخيـة علـى ذلـك، مـا جاء في بعض وثائق المحاكم الشرعية والبايلك التالية، وهذا على سبيل المثال لا الحصر:
- "أن الحـاج الجـيلالي بـن العلجـة أشـهر علـى نفسـه، أن الجنـة الـتي علـى ملكـه الكائنـة خـارج بلـدة البليـدة وبشـعبة مفتاح، إنما هي بينه وبين زوجته فاطمة بنت حمزة.
- "أن الولية عزيزة بنت الحـاج عبـد االله البكـاء، حبسـت جميـع الـدار الـتي علـى ملكهـا، الكائنـة داخـل بلـدة البليـدة، المتخلفـة عـن والـدها، والمعـدة لسـكناها، علـى نفسـها مـدة حياتها تنتفـع بغلتهـا، فـإن قضـى االله بوفاتهـا تصـبح الـدار وقفا على أوقاف الحرمين الشريفين (مكة والمدينة).
- "أن علــي القليعــي قــام بتحبــيس جميــع داره علــى نفســه، ثم علــى أولاده يوســف وعيشوشــة وفاطمــة وعزيــزة، وأعقـاهبم، ثم علـى الحـرمين الشـريفين", و"أن الحـاج بـن عبـد القـادر قـام بتحبـيس الـدار علـى أولاده وأعقـاهبم للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم للحرمين الشريفي.
ومن عادة حضـر البليـدة أن يلجـؤ وا في أوج الصـيف أثنـاء النهـار، إلى ضـفاف الـوادي الكبـير وظلالـه، فـرارا مـن أشـعة الشـمس المحرقـة، فيجلسـون هنـاك وقـد تجـردوا مـن قطـع الثيـاب المزعجـة، وأرجلهـم غارقـة في المـاء البـارد حـتى الركبة، وعلى رؤوسهم أكاليل الأزهار الجميلة التي ظفرتها لهم نساء حريمهم.
كما ورد في البحث عادات شركية كانت في بعض اهل مدينة البليدة بسبب الجهل الديني, حيث تم الوعي الديني في وقتنا والحمد لله.
حيث اشار الكاتب في ختام سردها الى:
ويرى حمدان بن عثمان خوجة أن: "الاعتقاد الشعبي اتجاه المرابطين أساسه الجهـل والمبـادئ الغالطـة والتعصـب، ولـيس مـن السـهل إصـلاحها، غـير أن السياسـة هـي الـتي جعلـت رؤسـاء الحكومـة التركيـة يبقـون علـى هـذه المبـادئ الغالطة، أو يتركونها تستمر"
شهدت البليدة نموا كبيرا في عدد سكانها، ففي القرن السادس عشر لم يكن عـدد السـكان يتجـاوز الخمسـمائة سـاكن، غـير أن هـذا العـدد تضـاعف تضـاعفا مـذهلا، أوصـل عـدد السـكان إلى عشـرة آلاف نسـمة أواخـر الفـترة العثمانية في الجزائر، وهذا بالرغم من تعرضها إلى كوارث طبيعية قاتلة، كوبـاء الطـاعون، والتيفـوس، وزلـزال 1825م المــدمر. ويرجــع النمــو المتزايــد في عــدد الســكان إلى الموقــع الممتــاز للمدينــة، ووفــرة الميــاه فيهــا، وخصــوبة إقليمهــا، واعتـدال مناخهـا، وتبعيتهــا للحكومـة المركزيـة، ممــا جعلهـا مركـز جــذب لطوائـف متنوعـة مــن النـاس، حيـث تــألف ســكانها مــن طوائــف مختلفــة (أندلســيون- عــرب- أتــراك- كراغلــة- يهــود- ميزابيــون- وبعــض الأفــراد مــن القبائــل المجاورة).
وقد كان المجتمع البليدي محافظا ومتماسكا ومتآلفا، وذلك وفق أحكام الشرع الإسلامي الحنيـف، سـادت بـين أوسـاطه مجموعـة مـن العـادات والتقاليـد.
Enregistrer un commentaire