مسجد ابن سعدون من أقدم مساجد مدينة البليدة

مواضيع مفضلة

mardi 30 mars 2021

مسجد ابن سعدون من أقدم مساجد مدينة البليدة





     معلم تاريخي يعود إلى القرن ال 15 ميلادي



    تباينت الروايات المتداولة بين أبناء مدينة الورود حول تاريخ بناء "مسجد ابن سعدون" فالبعض يرجع تاريخه إلى القرن 15 ميلادي، بينما يقول البعض الآخر إن زمن بنائه يعود إلى عهد التواجد التركي وتحديدا إلى القرن ال16 ميلادي، لكن لا يختلف اثنان حول حقيقة بنائه، والتي يقر فيها الجميع أن تاجرا يكنى "بإبن سعدون بن محمد بن بابا علي" هو من استثمر في تشييد هذا المسجد، وتذكر الروايات التاريخية المتداولة حسب نفس المصدر فإن المرحوم بن سعدون كانت له زوجة صالحة لم ينجب معها أطفالا حتى يرثوهما، فطلب منها يوم ما أن تقرضه حليها الذهبية والفضية ليصنع منها هدية نفيسة يقدمها لها لتبقى هذه الهدية  تعمل لحسابها أبد الدهر، لكن مرت الأيام والأعوام وزوجته تسأله عن تلك الهدية، إلى أن أخذها إلى مكان وسط المدينة، وأشار إلى المسجد، وقال لها “بأن هديتك أنجز بها هذا المسجد ومن حوله من الدكاكين التي ستبقى صدقة جارية تعمل لصالحنا إلى يوم الدين”.



    مسجد ابن سعدون يتوسط السوق لوسط المدينة، يحده شارع الكراغلة غربا، وشارع عبد الله جنوبا المعروف بنشاطه التجاري الحيوي اليوم، ومن الشمال شارع "مقطع لكواب"، يتربع على مساحة إجمالية تقارب ال 260 مترا مربعا وللمسجد 3 مداخل تؤدي إلى قاعة صلاة شبه مربعة تتخللها 5 صفوف من الأعمدة الحلزونية ذات "تجان" تشبه تلك المستعملة بقلعة بني حماد والجامع الكبير في قسنطينة، أما عن السقف فتنتشر عقود، وهي من النوع الشائع في فن العمارة الإسلامية بالجزائر، للمسجد محراب يتوسط قاعة الصلاة ذات نواة مركزية مربعة، تعلوه من الداخل " قبيبة" مكسوة بالزليج، كما تحيط به أطرف خزفية تتخللها فتحات للتهوئة ومرور الضوء، وترتفع وسط هذا البناء العتيق مئذنة، حيث ما تزال محافظة على نمطها الأول عند بنائها، وتصنف بأعرق المآذن بالبليدة، وهي تماثل مئذنة مسجد "الثعالبي" بالجزائر العاصمة.


      مسجد ابن سعدون ما يزال يقصده مئات المصلين من أهل مدينة البليدة، يتميز بجو روحاني لطيف، زواره يجدون فيه راحة نفسية تبعث الاطمئنان في الوجدان وتطرب القلب بسكينة عجيبة، بساطة هندسته العمرانية وتموقعه وسط أحياء شعبية عتيقة أعطاه صبغة خاصة، كما أن مساحته المتواضعة وارتفاعه القليل وتداول الناس فكرة بنائه  من جهة الخيرية، أضافت جمعيها بهجة في القلب وتعظيما للمكان في قدسيته كامكان للتعبد، ومعلما تاريخيا يعتز به أهل البليدة في مرجعية النسب، والمسجد اليوم ومنذ زمن، فإن مداخيله من ريع الحوانيت المحيطة، هي وقف ديني، تنفق في أمور الخير.
 ويصنف مسجد ابن سعدون إلى جانب مساجد "سيد أحمد الكبير" و"بابا محمد" و"الحنفي"، وهذا الأخير يمثل بدوره جوهرة ثانية وقلعة أضاءت وتضيء سماء مدينة الورود إلى يومنا هذا، فهو في موقعه غير بعيد عن المسجد الأول إلا بأمتار معدودة، تقول الأخبار أنه بني زمن العثمانيين في العام 1750 ميلادي، تتميز واجهة المسجد الرئيسية بالبساطة وبعذوبة التصميم، حيث أعطت صبغة جمالية فنية متميزة، رغم البساطة التي يتسم بها، تتموضع درجات ست عند مدخله، توصل المصلين إلى أبواب خشبية، ثلاث تغطيها سقيفة من الخشب أيضا، وفوق المدخل الأوسط علقت لوحة رخامية، ذكر فيها بالخط العثماني في أسطر قليلة أعمال "الداي حسين" وتمثل المئذنة عنصرا معماريا فنيا، ما تزال تحافظ من خلاله على الفن المعماري العثماني، مثمنة الأضلع تقوم على قاعدة مربعة، وتعلو سطح المسجد قبتان واحدة ترتفع فوق المحراب - تم تجديدها بعد تعرضها في زلزال 1825- والثانية فوق الميضاء.
تجدر الإشارة إلى أن المساجد العتيقةفي البليدة افتقدت إلى كثير من خصائصها الهندسية الأولى، جراء الترميمات التي أدخلت عليها من جانب، وكذلك بسبب تعرضها لزلزال 1825، الذي أتى على أجزاء هامة منها، إلا أنه وبالرغم من ذلك فان مسجد ابن سعدون ومسجد الحنفي يظلان جوهرتان لقلعتان ترتفع فوق سماء مدينة الورود، ومعالم تاريخية تروي أنه كان في زمن غابر أشخاص كان لهم الفضل في جمع أعداد هامة من العباد الذين ما يزالون يذكرون الله 5 مرات في اليوم، ويرتفع في فضاء محيط المسجدين التكبير والتهليل، خاصة عندما تزداد حسنا وزينة كل شهر رمضان.


Enregistrer un commentaire

اعلان تمويلي
اعلان تمويلي

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف